أعجميّ و عربيّ ؟!
الفصحى
و
اللغات السائدة
و
اللغات السائدة
تمهيد :
موضوعنا اليوم عن واقع مسيرة الفصحى بين لغات العالم و منزلتها في المجتمعات الجديدة .
ولكني أرى أن نبدأ البحث بجواب السؤال التالي :
لماذا نحافظ على الفصحى ؟
شرقاً وغربا
لماذا نتمسّك بالفصحى ( أو – كما يقولون – لماذا نتعصّب لها ) ، بل لماذا ندافع عنها دفاعاً مستميتا ، ونعود بها إلى خمسة عشر قرنا ، أهو التخلّف والعيش في الماضي الميت ؟
١- الحفاظ على الفصحى – لدى المسلمين و المسيحيين وحتى اليهود العرب المخلصين لأمتهم – حفاظ على الشخصيّة من الاستغراب ، و لا ننس فضل روّاد النهضة في بيروت الذين عادوا بالفصحى إلى أصالتها .
لسنا بحاجة إلى تكرار ما يُقال ، و إنما نذكّر أ ن العربي ليس اليوم بأصله ، بل هو عربي – بلا جدال - إذا تكلم العربية ، وكانت لغته الأم ، وأحسّ أنه بدونها لا وجود له ، و لماذا كان بعض العرب مستعربة ، أليس لذوبانهم في المجتمع العربي وتخاطبهم بها ، رغم أصلهم غير العربي ، وكيف تُوحّد بين شعوب تعيش في وطن مترامي الأطراف بغير فصحى تعود إلى خمسة عشر قرنا ـ أ نقبل أن يكون مصيرها و مصير شعوبها كمصير اللاتينيــــة التي حلّت محلّها لغات أخرى سمّـوها فرنسيـة و إيطاليـة وأسبانيـة وبرتغاليـة و رومانية ، بل أخذت تحلّ محلّها اليوم لغات سائدة تتباعد في أصولها ، و مصير شعوبها التي تفرّقت أمماً أو قوميّات ؟!
٢- الحفاظ على الفصحى مرتبط- بعامة - بالحفاظ على القرآن الكريم .
٣- الحفاظ على الفصحى – لدى فريق – حبٌّ بأمثال هذا الشعر :
ولولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى وحقّك لم أحفل متى قام عُوّدي
في الغرب : لا نكران لسيادة اللغة في موطنها ، فلكل أمّة لغتها ، بيد أن العربيّ المعتزّ بأصله ، و المسلم المحافظ على إسلامه ، والذين يتذوقون الجمال يلتزمون تعلّم الفصحى وإتقانها .وهذا لا ينافي التعايش الإنساني ، فالاختلاف الفكري والسلوكي لا يدعونا إلى التنابذ والتناحر.
أولا :
المكان : الجناح الشرقي من الوطن العربي ، حيث يقال : إن العربية راسخة رسوخ الجبال !! _ و لا أعبأ الآن بمناقشة دقة هذا القول .
الزمــان : قبل أكثر من عشرين عاما ـ
الموقف : قال لي زميل مبديا إعجابه بما سمعه من بعض شعري : ما أروع ما تقول ، إنها لغة تميم ـ
التحليل : أرجو ألا تشغل نفسك _ عزيزي القارئ _ بدقة وصف الزميل لقدراتي اللسانية العربية ، فالمسألة أخطر من قدرات فرد ، إنها ما وراء هذه العبارة : هل كان الزميل يخفي وراء المديح ذما لالتزام لغة غير مألوفة في هذا الزمان ؟!
وإنما اليقين لدي أنه أشار إلى واقع نعيشه جميعا ، و إلى تعلقي بماض أرى التحامه بالحاضر ـ و لم أعرف _ حتى اليوم _ أ يلوم الناس لأنهم لا يفهمون ما يُقال ، أم يلومني لأني أقول ما لا يُفهم ؟!
في المشرق العربي وفي مغربه بعض الحريصين على فصحاهم التي نزل بها القرآن الكريم موحدا بين لغات عربيــة متعددة ، فخلدت خمسة عشر قرنا من الزمان ، و إلى ما شاء الله كما بشّر القرآن الكريم ـ
و إنما تسود لغة تخاطب ، لا تطابق الفصحى ، وإنما تنحرف _ لدى الخاصة _ انحرافا خجولا ، _ و لدى العامة _ انحرافا فاحشا ـ
ثانيا :
المكان : الجناح المغربي من الوطن العربي ، حيث كانوا يقولون :ضعفت العربية ضعفا بالغا !! و كانت الفرنسية اللغة السيدة ، أما اليوم فقد تقدمت العربية ، بيد أنها مازالت خجولة أمام الفرنسية _ و لا أعبأ الآن بمناقشة دقة هذا القول .
الزمــان : قبل أكثر من أربعين عاما ـ
الموقف : تنازع في مؤتمر فريقان جزائريان ، قال أحدهما : الإسلام والعربية متلاحمان ، فلاعربية بدون إسلام ، و لا إسلام بدون عربية ، فالعربية خالدة بخلود القرآن الكريم .وقال الآخر : إنما الإسلام للعالمين ، و ما أحوجنا إلى أن ندرسه باللغات السائدة في كل بلد ، ونحن في الجزائر أصحاب الفرنسية ، ومن المنطق أن يكون لسان الإسلام فرنسيا .
التحليل : لن أناقش ما يراه كل فريق في خصمه ، ولكن اسمحوا لي أن أعبر عن خيبة أملي ، وأن أنكر وقوع مثل هذا النزاع في الجزائر، و أتساءل : لماذا أجهدت الجزائر شعبها وقدراتها ،وانفصلت عن فرنسة ،وبين أضلعها فريق ينادي بإسلام لسانه فرنسي !!
ثالثا :
المكان : أرض يسودها دين آخر، ويتخاطب سكانها بغير العربية، اللهم إإلا فريقاً من المهاجرين العرب فقد يتخاطبون بالعربية . .
الزمــان : قبل أيام .....................
الموقف : قالها إمام مسجد في فرنسة بعبارة فصيحة ( واضحة لا لبس فيها ) : نحن لا يعنينا من العربية إلا إتقان تلاوة القرآن الكريم ، بل لا تعنينا الحروف العربية في شيء ، فقد كفت الحروف اللاتينية التي امتن علينا بها المستشرقون ، و أضافوا إليها رموزا تـُمكن أهل البلاد من قراءة العربية وكتابتها ، أما العلوم الإسلامية فندرسها بالفرنسية ، و الفرنسية هنا السيدة !!
التحليل : ذكر الله ( سعيد عقل ) في بيروت بألف خير، فما قالها بهذه الصراحة . لكن ، التمس لأخيك ألف عذر .
ملحوظة : لن يدخل في التقسيم التالي : المهاجرون إلى ديار الغرب الذين آمنوا بالعربية عنصرا يبرز عناصر تكوين شخصيتهم العربية ، و رُبّوا على الفصحى وتذوّقوا سحرها .
يكوّن الآخذون بهذا القول فريقين : أما أحدهما فقد ولد أفراده في غير حضن الإسلام والعربية ، ثم امتن الله عليه ، فظن في نفسه أنه التزم الإسلام _ و لا فرق بين من وُلد لأبوين مسلمين اسما أو حقيقة ( وهم الجيل الثاني من المهاجرين ) ، ثم صحا وأراد التزام الإسلام لقناعته بهذا الدين ، أو للعودة إلى الأصول !! و بين من كان غير مسلم ثم اهتدى ، و أشهر إسلامه ونطق بالشهادتين .
آمن هذا الفريق بهذا الواقع ، و صار جزءا من عقيدته يدافع عنه بإيمان .
أما الآخر فقد وُلد أفراده في حضن الإسلام والعربية ، ثم هاجروا رغبة أو رهبة . ( وهم من سموا الجيل الأول من المهاجرين ) وخالطوا أهلها ، فرأوا هذا الواقع ، و أقروا بعجزهم عن مواجهته ، فتعايشوا معه مندمجين فيه ، فكانوا يدا واحدة مع الفريق الأول .
النتيجة : أن الفريقين تساهلوا في أمر العربية ، ولم تأخذ كثيراً من همهم .
ملحوظتان: ١ _ هذا تقسيم تقريبي غير دقيق تماما .
٢_ لن أُدخل في حسابي من يعمل واعياً لأهداف لا تخدم الإسلام والعربية .
التعليقات
قد يقول قائلهم : ( إنك تخلط عباساً بدبّاس ) ، و تتحدث عن واقع عربي تعيشه اليوم ،تريد منه أن تُكوّ ن نظرية علمية اجتماعية . مثَلك في هذا مثَل أولئك الذين يعزلون أنفسهم عن المجتمع ، و يأخذون( بالتفلسف )!!أنت صادق في حديثك عن الغربين : الأدنى( أوربة ) والأقصى ( أمريكة ) ، و الشرقين :الأدنى للوطن العربي ( إيران و الباكستان......... ) و الأقصى ( الهند والصين ......... ) ، و بلاد تتصارع فيها العربية و الفرنسية ( المغرب والجزائر وتونس......... ) تصارعاً متفاوتا في حدّته . أما في آسية العربية والبقية الباقية من أفريقية العربية فلن تجد هذه الظاهرة .
و أقول : لا أجد لنفسي إلا الإصرار على ما أقول لظني أني أقدّم برهانا يقنع السامعين ، و ليقولوا : إنك في ضلالك القديم !! و الحقيقة _ كما أراها _ أن الجناح الشرقي من الوطن العربي ، حيث يقال : إن العربية راسخة رسوخ الجبال !! لا يلتزم الفصحى ذاتها ، و إنّما لغة أقرب إلى الفصحى ، و لن تجد فصحى الأصالة إلا في تلاوة القرآن الكريم ، وفي لغة قوم يسميهم الواقعيون !! ( المتقعرين في اللغة ) !!
إن اللغة السائدة ( المحكيّة ) في الشارع العربي الأصيل !! لغة نأت عن الفصحى ، و لا أفضّلها _ بعد تجربة الحديث بها شطراً من حياتي _ على اللغة السائدة ( المحكيّة ) في الشارع العربي الجزائريّ !!
أما لغة المثقفين فلغات : لغة يومية تقاربت في أرجاء الوطن العربي ، و استطاعوا التخاطب بها ، و لغة الحديث الرسمي التي تقارب الفصحى و لا ( تطابقها ) ، و إنما تتفاوت تبعا لقدرات المتحدث اللغوية و رغبته في الالتزام بها ، و لغة الكتابة وهي أقرب إلى الفصحى من لغة الحديث الرسمي في ظاهر الأمر ، مختلفة في القرب و البعد حين نسمع ما يقرؤون ... و لا يشكّ أحد أن المتخصصين في اللغة _ وليس التخصص شهادة رسمية فقط _ أقدر على الالتزام بالفصحى ، بيد أننا لا نلتزم بها كما نفعل حين نتلو القرآن الكريم و كما يفعل بعض القوم .
بل يتفاوت الأمر من قطر عربي إلى آخر ، ففي بعضها يخجل المسؤولون أو المتحدثون في المحافل والإذاعات من أخطاء النحو ، مع التساهل في دقة معاني المفردات اللغوية ومعانيها ، والتراكيب العربية الفصيحة ، والفصل والوصل ..... و في قطر عربي آخر يعجب المتحدث في المحافل والإذاعات أن يجاريَ اللغات السائدة لأنها أقرب إلى قلوب الناس ، وأقدر على التأثير فيهم !! بل إن بعض كبار الدعاة إلى الإسلام آتاهم الله قدرة الحديث باللغة السائدة ، والتأثير في الناس !! ، و لم ينقص من دعوته شيء ، حين حرمه الله معرفة العربية ، و العلم الإسلامي أيضا.
من تاريخ العربية
لماذا وقعنا في هذا المرض ؟ لن نعرف السبب إلا بالعودة إلى التاريخ ، و المرور بما فعله الخليفة المعتصم البطل الشجاع ملبيا نداء المرأة العربية ( و ا معتصماه !) _ أترك لأهل اللغة تقويم هذا النداء _ والتعرف على خصائص المجتمع في ذلك الوقت .
نعم ! تميّز الخليفة المعتصم بالشجاعة ، ولكن هل كانت له كل الصفات التي تمتع بها من سبقه من الخلفاء كالأمين والمأمون _ لا تحشرونا هنا في الصراع السياسي _ كان المعتصم أول خليفة نزع الله منه صفة العلم كما كانت لمن سبقه من الخلفاء ، وما كان بدعا في المجتمع ، فقد أخذت فيه العربية تتهاوى مع الاتساع السريع لرقعة الوطن العربي ( الإسلامي ) ، و تزايد أعداد الناطقين بالشهادتين وبالعربية _مخلصين لله إسلامهم ، أو طامعين بالحظوة في المجتمع الجديد ، أو مدفوعين بغايات أخرى _ ولم يستطع كثير منهم تعلّم العربية الأصيلة كما تلقيناها من منابعها الأولى قبل منتصف القرن الثاني للهجرة _ دون أن ننسى أن المخلصين منهم كانوا كثيرين جدا ، وتصدّروا مع العلماء ذوي الأصول العربية مجالس العلم مثل سيبويه و أبي حنيفة ............و بذلوا جهوداً جبارة مع العلماء الآخرين للمحافظة على العربية الأصيلة ، و و ضعوا القواعد العربية المعروفة _ .
وبعد المعتصم تهاوت الدولة ، وتقاسمها حكام _ لهم فضائلهم ومعايبهم _في دويلات هزيلة ، قدّروا العلماء وحافظوا على العلم ، ولكن في شروحات و تلخيصات وتعليقات ، وجمود واجترار لما سبق _ دون أن ننكر بقع الضوء المتناثرة _ قدّسوا العربية تعشّقا للقرآن الكريم أو حفاظا على أصالتهم _ أو لهما معاً _ ولكن تعذّر على كثير منهم إتقان العربية والعودة إلى المراجع العربية الإسلامية ، أنجزوا أعمالاً تسجل لهم في التاريخ ، كانتصارات صلاح الدين ، لكن كل ما فعلوا لم يُعِد للدولة عزّها ، ولا للعلم مجده التليد ، و لا للفصحــى أصالتها . تخلّفنا ، وتقدّم الغرب بالعلوم التي أخذها عنّا _ و لا تثريب عليه _ حتى صحونا _ وكلمة الصحو لا تعبّر عن الحقيقة ، لكننا نردّد ما جاء في التاريخ !! _ وجيوش الاستعمار _ وكلمة الاستعمار ترجمة صحيحة للكلمة الأعجمية التي تذرعوا بها لاحتلال أراضينا _ تُمزّق الدولة العثمانية تحقيقاً للسنّة الاجتماعية القاضية بغلبة القويّ و هزيمة الضعيف ، و تطبيقاً لفكـــرة ( نظرية ) ابن خلدون في ( البداوة والحضارة ) .
انتصر الغرب على الشرق : _ سياسياً باحتلال أراضيه ، و فكريّاً بأخذ فكر الغرب سليمه و سقيمه ، و اجتماعيّاً بالجنوح إلى عادات الغرب جيّدها و رديئها ، والتخلّص من فضائل الشرق ورذائله !! و كان للفصحى نصيب كبير من كل هذا .
من تركيّة الفتاة ( الحديثة ) انطلقت أبرز الحركات التي جعلت ما سبق أهدافاً ، وشرعة ومنهاجا، وكان لكمال أتاتورك الفضل الأول في قيادة هذه الحركة ووضع فلسفتها، و إقامة دولة حديثة على أنقاض الخلافة العثمانية ، أوّلا بمحاولة التخلّص من تاريخها الطويل المطبوع _ منذ تأسيسها _ من خليط من التركية السائدة والعربية والإسلام ، بنقل عاصمتها من إستا نبول إلى أنقرة التي تضمّ مؤسسات تذكّر بما قامت عليه الخلافة العثمانية ، والقضاء على العربية ومظاهر الإسلام العتيقة ، و ثانياً بنشر العلم الحديث ، و نقل النظم السياسية الاجتماعية الغربية ( الديمقراطية والعَلمانية ) . و كان على المتديّنين أن يعانوا في المحافظة _ سرّاً أو علناً _ على القرآن الكريم و مبادئ دينهم الموروثة واللغة العربية ، والتمسّك بصبغتهم التركية .
ولم تنج البلاد العربية من هذا التيار – وإن اختلط فيه الإسلام اختلاطاً مبهماً بالعربية تأثّراً بالصراع مع الدولة التركيّة أو – بمعنى أدقّ - مع الاتحاديين . و تحوّل الصراع من عربي تركي إلى صراع قام بين العرب ، فصاروا فرقاء متناحرين : فريقاً يدافع عن ماضي الأمجاد التليدة ، و فريقاً آخر يدعو إلى التغريب ، و فرقاء يمزجون التيارين ، منهم من يُقدّم القديم على الحديث ، ومنهم من يُفضّل الحديث على القديم ، وبين هذا وذاك ألوان و ألوان !!
وبعد انفصال العرب عن الأتراك ، تجزأت البلاد العربية إلى دويلات مختلفة وأقاليم متباعدة ، وتعمّقت القسمة السياسية ، ثمّ وقع ما هو أخطر إذ ( تجذّرت ) الشخصيات الإقليمية الاجتماعية في كلّ دويلة و إقليم ، و أخذت تضغط على الفصحى لتوافق خصائص كل جزء ، وسادت اللغات العاميّة التي تتطبّعت - أحياناً - بالتاريخ المحليّ المذكّر بأمجاد اندثرت منذ أكثر من خمسة عشر قرنا ! و أخذت تظهر في الأفق دعوات بعض المفكرين – حاش جمهور الناس - إلى تكوين شخصيّات : - مصرية تطبعها الفرعونيّة ، و لبنانيّة تتشرّب الفينيقية و الأرزية ، و سورية تمدّ بجذورها إلى السريانية - و ما ذكرت الأخيرة إلا لأكمل القافية !!
و لولا الإيمان بخلود الفصحى لخلود القرآن الكريم ، لقلت : إن مصيرها لن يكون خيراً من مصير اللاتينية التي حلّت محلّها لغات أخرى سمّوها فرنسية و إيطالية وأسبانية وبرتغالية و رومانية ، بل أخذت تحلّ محلّها اليوم لغات سائدة تتباعد في أصولها .
و لكن ، هل نكتفي بهذا الإيمان وحده؟! كلا ، بل علينا أن نبادر إلى كلّ سعي ممكن نجعل به الفصحى :
- تتخلص من كلّ أثر محليّ ، و لا تفضح الناطق و لا تبرز لكنته الإقليميّة .. إلا اللمم !!
- و تُنطق مَلَكة و سليقة و طبعا ،
- و لا تحرِّف الحروف، كالأحرف اللثوية ( ث – س ، ذ – ز ، ظ - ) ، والضاد العربية المتميّزة ( ظ ، د ..) ، والقاف ( ء ، ك ، ق ) ، والجيم ( ش أو إهمال تعطيشها ) ، الكاف ( ش ) ، و ما أكثر اللحن الخفيّ!!
- و لا تنحرف عن القواعد ، فلا تميل إلى التسهيل ، فتضيع و نضيع معها !
من يدّعي أن القرآن الكريم يُترجم ، و أنّ لغة الإنسان قادرة على التعبير عن معانيه كما عبّر عنها ، ومن ينسى قول المترجمين : إنّ لكلّ لغة خصائصها ، فدلالة الألفاظ متشعبة ، والتراكيب مختلفة في معانيها ، والمجاز في لغة قد لا يُفهم في لغة أخرى . هذا رأيهم في كلام البشر ، فماذا سيقولون لو آمنوا بالقرآن الكريم كلام الله المعجز !! ثمّ أتدّعي أنّ الألفاظ الأخرى لها تأثير في الروح و النفس كتأثير ألفاظ القرآن الكريم ؟!
كيف تتذوق جمال العربية بدون أن تتعلّمها و تتعمّق أسرارها ؟!
وكيف تُحافظ على شخصيتك إذا قطعت جذورها لتاريخية ؟!
وكيف تتعبّد بتلاوة القرآن الكريم ؟أ تتعبّد بكلام البشر الذين يدّعون أنّهم نقلوا معانيه؟!
و كيف تتعبّد بتلاوة القرآن الكريم؟أ تتعبّد بقراءته بالحروف اللاتينيّة، و أنت لا تفهم ما تقرأ ؟! أو لا تعلم أن فهمه والتأثّر به يتعمّقان كلما تعمّق فهمك للعربية ؟!
و لا يكتمل إسلام المسلم بدون أن يتعلّم العربيّة تعلّماً يُعينه على فهم القرآن الكريم ، وحسن التعبير عنه ..
ثم أفتوني – يا أهل الفتيا - : كيف تفتون الناس ، أحصلّتم العلم الغزير الذي يسمح لكم بالفتوى ، هل تترجمون كلّ هذه المراجع إلى لغتكم ، أتستطيعون طبعها كلّها أو تخزينها في الحواسيب .
لا يمكن لعالم أن يتصدّر الفتوى و الإمامة بدون تعمّق دراسة العربية ، بالإضافة إلى وجوب معرفة لغة القوم ، والبيئة التي يتصّدر فيها لهذين الأمرين .
و للختام إيضاح :
١ - رأيُنا صواب يحتمل الخطأ،ورأيُ غيرنا خطأ يحتمل الصواب
٢ – أرجو ألا يفهم مما أقول دعوة إلى التنابذ و الاختلاف ، وبخاصة مع أفراد المجتمعات الغربية ، وهم يقبلون منك الحوار ، بل إنني أدعو إلى قبول التعايش الاجتماعي التعاوني مع الآخرين ، وكل له رأيه ، والواجب أن يحترم كل منهم الآخر .
******************